التغيير سنة كونية وضعها الله في الأشياء، فمنه
الايجابي، ومنه السلبي ، والتغيير بكل صنوفه يلقى بظلاله على كل مناحي الحياة، مع
اختلاف نسب التغيير، ومن ضمن الامور التي هبت عليها رياح التغيير هي الاسرة ، فمن
يتأمل في طبيعة الاسرة الان قبل 30 عاماً يجدها تختلف عن الآن ، بحيث أننا لو
طلبنا من شخصين ينتميان لجيلين مختلفين _ أحدهما 50 عاما والاخر 20 عاما_ أن يرسم كل واحد منهم لوحة عن الاسرة في عصره، ترى
كيف ستكون لوحة كل منهما ؟
موضوع يهمك : فلسفة الزيارات الاجتماعية
ومع تطور
الحياة اختفت الكثير من تلك الجماليات التي كنا في حينها نشعر بالملل منها نتيجة
الروتين، وإذ بنا الآن نشتاق لها جدا، بعد أن سرقتنا معطيات الحياة الحديثة من أنفسنا ، فحديثاً ،
خرجت المرأة للعمل خارج البيت مما ترك أثراً سلبياً في غالب الأحيان على طبيعة
دورها حيث أثقل كالها بالعمل داخل وخارج
البيت، وتقدمت البرامج فاختلفت الاهواء والامزجة، وود كل واحد من افراد الاسرة أن
يكون له غرفة خاصة به وتلفاز يشاهد برامجه المفضلة التي في غالب الاحيان تختلف عن
رغبات الاخرين، وغاب الاجتماع الكامل لأفراد الاسرة ، بسبب انتقال كل واحد منهم
لبيت آخر، أو بسبب السفر أو العمل، وحين يجتمعون يكون كل واحد منهم منشغل في عالمه
الخاص من خلال هاتفه الذكي ومواقع التواصل الاجتماعي مع اصدقاءه ومعارفه، وباتت
الارتباطات الخارجية أكثر وأهم من الحياة الاسرية، مع بروز نموذج من الترابطات متمثلة
في الاحزاب والمؤسسات والنوادي.
أمام
الصورة القادمة من زمنٍ جميلٍ وصولاً إلى زمنٍ وصل فيه الجمال إلى حدودٍ دنيا، فإن
الخوف يسكن نفوس الخبراء والبسطاء مما قد تصل له حالة الاسرة في المستقبل، ويتساءلون
هل تملك الاسرة مقومات الصمود أمام العواصف القادمة من الشرق والغرب والتي قد تصل
إلى البنية التحتية للأسرة في عالم تتسارع فيه رياح التغيير؟