في كل عامٍ يقف كل إنسانٍ عاقلٍ بقطارهِ
على المحطةِ المهمة التي انطلق منها، ويمرُ على أهم المحطات التي تطلبت منه الإقامة
لديها بعض الشيء، لتزوده بالعبرة، وتشد حاضره إلى الأحداث التي نامت في ذاكرة الزمن،
كي يُحركُ فيها المياه الراكدة حتى تُخرج أجمل ما لديها، وترسخُه في أذهان من لم يعش
الحدث، رغم تغلغل آثار الحدث من كافة تفاصيل الحياة.
عظماء في اكاديمية الصمود
في هذا اليوم تدخل كتائب حماس لتحتل ساحة
كتيبة غزة، وتعلن للعالم أنها ستنتصر بإذن الله، رغم فقدانها لأبرز قادتها، و رغم سيل
الدم وتناثر الأشلاء، إلا أن غياب الأب لم يؤثر على الأُسرة إلا بالمزيد من العمل من
أجل النجاح، والوصول بالسفينة إلى بر الأمان، رغم قوة العواصف.
ففي الوقت الذي تحرص فيه حماس على إبقاء
شمعة البطولات التي أشعلها الشعب على مدار تاريخه بدماء الشهداء، وأنفاس الأسرى، وآهات
الجرحى، ولوعة المغتربين، متقدة، يسعى كثيرون لإطفاء نور هذه الشموع بحجة أن العتمة
كبيرة، وليس بإمكان حماس التعاطي مع احتياجات الكون من النور، نظراً لقلة نورها.
وتدور الأيام وتسعى الامتيازات لتطويق عنق حماس، وتعدها بإعطائها رحيقاً لم تره من قبل، إن منحت الظالم حقاً بالوجود في أرض المظلوم، لكن يجب على حماس، أن تحرص على نسائم الأمل التي زرعتها في قلوب البشر على امتداد تاريخها، بالدماء، وألا تجعل رياح الآخرين تطفئ شمعتها، ولا تكترِث لكثرة الريح المحملة بالمآسي التي تلتف حول عنقها، وتطالبها بخلع ثيابها رغم برودة الشتاء، بحجة أن جيرانها وإخوانها وأخواتها قد باعوا ثوبهم من زمنٍ، واستراحوا على شواطئ الواقعية المُذلة، وألا تسمح بأن يسيل لعابها أمام بريق الامتيازات، ولا تجعل سمومها تخدر همتها، ولا تسمح للرغبات أن تحني هامتها، كي لا يجف نهر الدماء، و ألا تتنازل عن مملكة المبادئ، ولا تسير بركب من سقط في بئر الألقاب الهابطة، وتركنا نعالج أثار انصياعه لرغباته التي ستكلفنا الكثير ،ودفع من كرامة الوطن ثمنا للخضوع تحت أقدام العدو! واصبري يا حماس، وتحملي كل أوجاع الخناجر التي تُضربين بها، وحذاري يا حماس أن يقل حماسك.