المتقدمون للوظيفة انبهروا وتشوقوا من طبيعة العمل، وانا شخصياً اصابني الفضول لان من يرى المشهد يتشوق لرؤية النهاية ومعرفة ماهية الوظيفة الجنونية، حتى قالت احداهن : ” هذا جنون “، واصيب الجميع بالجنون حينما علموا ان هذه المهنة ستكون بلا مقابل.
لكني تابعتُ للنهايةِ حتى عرفتُ ان هذه الوظيفة هي وظيفة ام ،،، نعم انها الام التي يصعب الحديث عنها وعن تضحياتها مهما بلغت فصاحتنا البلاغية والادبية في تصفيف الحروف والكلمات
فمنذ فجر التاريخ والمرأة لها دور في صناعة الفرد والمجتمع حسب طبيعة طقوس البلاد وطبيعة نفوس العباد ، فهي التي تحمل الانسان في بطنها تسعة اشهر تقضيها في حالة وجدانية ممزوجة بين بين الالم والفرحة، وما أن تضع ذات الحمل حملها حتى تبدأ رحلة جديدة من الحياة فتخرج من الاهتمام بنفسها الى الاهتمام بنفس جديدة، وتتنازل وهي سعيدة عن كثير من وقتها وجهدها ومالها لتسعد فلذة كبدها، تأكل بعدما يأكل، تنام بعدما ينام ، لا ترتاح الا حين يرتاح، وإن تعكر مزاجه تعكر مزاجها، هذه طبيعة الام، وتزداد متاعب المرأة حينما تحمل لقب ام وعاملة، اي انها عاملة داخل البيت وخارجه، وهذا يقلص مساحة الراحة بكل أنواعها لديها، لانها تصبح مثل الآلة تعمل دون توقف من اجل استمرار مسيرة الحياة داخل البيت وخارجه
وبالعودة الى ( المرأة العاملة ،،، مجاهدة على جبهات)
قد يتسائل القارئ اين الجبهات التي تجاهد بها المرأة واغلب انتاجات
الحضارة المادية هي انثوية ؟
لا شك أن الحضارة الحديثة انتجت الكثير من الادوات التي ساعدت الانسان في توفير وتلبية احتياجاته بشكل سريع خاصة احتياجات المرأة ، وهنا استحضر رأي المفكر عبد الكريم بكار حين قال( إن الحضارة الحديثة بطبيعتها انثوية) لكن برغم هذا التطور المادي لم تستطع الحضارة الحديثة انتاج آلة واحدة تنتج المشاعر، ولو لم يكن في الأم إلا المشاعر تجاه اولادها، لكفى.
فالمرأة العاملة هي مجاهدة على جبهة العمل داخل البيت ” تربية نفسية وجسدية واجتماعية وفكرية وتعليمية ” ، تجاهد في كي تحفظ بيتها وتحافظ عليه وعلى ساكنيه و تبقيه سعيداً ،،، تجاهد رغبات جسدها بالراحة فتستيقظ مع الفجر ترتب ما خلفه الاولاد من عبث بالبيت ، توقظ الاولاد للمدرسة وللروضة وتنجز ما يسعفها الوقت على انجازه.
شمس العرب تسطع على الغرب
ثم تخرج للعمل لتدخل جولة جديدة من الجهاد رغم انها قد تكون
سهرت مع طفلها طيلة الليل يبكي، وفي العمل تنسى راحتها وحياتها الشخصية لتدخل في
عالم العمل وخدمة الجمهور الذي يريد مصلحته وتقضي في عملها حتى بعد منتصف النهار،
وما أن تنتهي حتى تدخل جهادا جديدا فقد يكون في خطتها الاجبارية ان تذهب
للتسوق وشراء مستلزمات البيت والاسرة ، وبعدها تعود لبيتها لتبدأ رحلة استكمال
الأعمال التي بدأتها منذ فجرها، لتهتم بهذا الطفل وتعلم ذاك وتفكر بثالث وتجهز
الطعام للرابع، وسعيدة هي التي يجود عليها الوقت باستراحة لمدة ساعة.
ولا زالت رحلة الجهاد مستمرة مع المرأة الام والعاملة
ففي مجال المناسبات الاجتماعية من زيارات تهنئة بالزواج او النجاح او الشفاء او
التعزية والقائمة تطول، تقوم المرأة باكثر هذه الزيارات والمجاملات..
وكأن الله قدر أن تكون هاتان المناسبتان (يوم المرأة ويوم الأم )في شهر مارس الذي يبدأ به فصل الربيع وما فيه من جمال وسحر يسلب العقول والقلوب والعيون للدلالة على أن المرأة و الأم بطيبتها وعاطفتها تسلب العقول والقلوب والعيون