recent
أخبار ساخنة

هذه " طفولتي "

 



من جميل نعم الله على بني آدم أن يمتعه بالصحة، ومن مقتضيات الصحة ذاكرةٌ قويةٌ تكون أقوى من 16التيرا بايت TB، يُخزنُ فيها أحداث وقعت منذ نعومه أظفاره حتى يصبح بلا أظافر، خاصة مرحلة الطفولة، سواء عاشها أو سمعها، وسواء لعب فيها دور البطولة المطلقة أو بالإشتراك مع، أو مجرد" كومبارس"، فيستدعيها بنسختها الأصلية كاملة المشاهد كلما رغبها، وتَسهُل عملية الاسترجاع كلما كان الأبطال كلهم أو جلهم أحياء، فينبشون الذاكرة، ويتحدثون عن الأحداث كأنها "بنت إمبارح"، لكن لو كانوا " في عداد الموتى"، فالمجال مفتوح لخيال الشاهد المتبقي.




جلستُ برفقة أصدقاء قبل فترة مع وزير الثقافة السابق الدكتور عطاالله أبو السبح، ولما أشرفت الزيارة على النهاية أهدانا كتابا، وقال هذه " طفولتي" شوفوها كيف وأعطوني رأيكم ".




فرحتُ بذلك، قرأت "طفولتي "، وإليكم التفاصيل :

اختار الكاتب عنوان "طفولتي " دلالة على البراءة رغم أن طفولته مثل طفولتنا لم تكن على ما يرام بحكم القهر الذي تعرضنا له ولا زلنا من الإحتلال.

تُصنف "طفولتي" ضمن السير الذاتية التي تجمع في جنباتها ما بين التاريخ والجغرافيا والسياسة والطقوس المجتمعية وأحداث عائلية وأُمنيات وتوقعات وأوجاع وأفراح وشقاوة عيال ومشاكسة أخوية وكيد النساء وقهر الرجال.

في" طفولتي "ألمٌ وأمٌل، حزنٌ وفرحٌ، غضبٌ وسكينةٌ، ثورةٌ وخيانةٌ، حبٌ وكراهيٌة، وفيها شقاوة طلبة المدرسة وقسوة المعلمين وحنانهم، وفقراً مدقعاً وملابس مرقعة بألف رقعةٍ كما هي حياتنا الآن.

وجدت في" طفولتي" صدق حيث حرص الكاتب على ذكر ما تذكره هو، وما عرفه عن طريق آخرين،( روت لي أمي، كذا قالت أمي _ كما أخبروني بذلك بعد ذلك)، وفيها اعترافٌ واضحٌ أن والدته أدمنت التدخين ل17 عاما، وأنه ذات يوم تسلق مع أقرانه شجرة الجميزة ليأكل ما استطاع من ثمارها، ويومها كسرت يده، وأنه فشل في الحصول على معدلٍ عالٍ في الثانوية العامة ليدخل كلية الطب، وفشله في تحدي "سعيد" الذي تفوق عليه في نطح الطبة " ام سبع جلود".

في "طفولتي" أصناف المعاناة حيث تحدث عن الطُعمة التي توزع الغداء على الطلبة، والتي كان لي نصيب منها في آخر أيامها، ثم عن ممرضة مسيحية اسمها "أم وحيد" كان الجميع منهم أنا يعمل ألف حساب حين يضطر للعلاج وأخذ حقنة" كانت إمراة قوية  و"بتخوف".

وجدتُ في " طفولتي "ولعٌ فلسطيني بالتعليم باعتباره رأس المال الرابح، وأن عائلته لها علاقة قوية مع العلم والحفظ.

لم تخلُ "طفولتي "من  قصص مشاكسات بين الإخوة على أبسط الأُمور وخاصة أدوات المدرسة، ويذكرني بأولادي حين يحدث بينهم ذلك، والتنافس بين الأخوات حول المهمات المنزلية.

في" طفولتي" عفويةٌ حين استخدم كلمات قريبة من واقع القارئ "مسخسخة" "خشمكي، مسكتك"، وفيها تذمرٌ واضحٌ من قضايا اجتماعية كان لها سطوة كبيرة سلبية "زواج البدل" "ضرب النساء "ٌ، بعضها زال ملكه وبعضها زاد ملكه.

في "طفولتي"  حديث عن خراريف ما قبل النوم، وهذا ذكرني بأولادي حين يطلبون مني أن أحكي لهم قصة بقولهم" بابا احكيلنا دسة" ونفسياً وعلمياً في هذا خيرٌ كثير.

علمت من "طفولتي " سر تسمية كندا والبرازيل والقرية السويدية حيث أنها كانت مقر للقوات الدولية التي جاءت لفلسطين بعد حرب67، وسُميت كل منطقة بإسم الكتيبة التي عسكرت فيها.

في "طفولتي " حقدٌ واضحٌ  على الإحتلال الذي سرق الأرض وقتل الإنسان ولا زال، وحضور كبير للهم العربي حيث الوحدة المصرية السورية التي أسماها أُستاذه  "الكماشة" التي ستحيط بكيان الإحتلال للإنقضاض عليه.

فرحتُ لفرحه بقميصه الجديد، وحزنت لوفاة ابنة اخته الطفلة الصغيرة " نجاح" .

في "طفولتي"  ذكرٌ للوضع الصحي آنذاك وأن رفح لم يكن فيها إلا طبيب واحد، وكأني به يقول "رفح بحاجة لمستشفى".

ما سبق هو جزء مما وجدته في" طفولتي "، بقي لكم عندي أن أخبركم بأن من يقرأ "طفولتي "سيشعر  أنه المقصود فقد عبرت عن الجميع بلغة أحد ابطال مرحلة الطفولة، أنصحكم بقراءتها ،انها حقاً رائعة.

 

اشترك في قناتي تيوب

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

google-playkhamsatmostaqltradent