recent
أخبار ساخنة

مواقع التواصل الاجتماعي وفوضى الحواس


لا شك أن التكنولوجيا وصلت لحد لم يتوقعه أحد، وحتما ستصل إلى ما لا يمكن توقعه، لأن الإنسان يسعى باستمرار لإنتاح ما يسعده من منتجات مادية ومعنوية، ومن أهم إنتاجات التكنولوجية هي مواقع التواصل الاجتماعي التي اختصرت المسافة الزمنية والمكانية بين البشر حتى أصبح الذي في أقصى الأرض يتحدث ويرى الذي في أدناها دون أن يقوم من مقامه، ورغم أن لمواقع التواصل إيجابيات فإنها لا تخلو من سلبيات، ومن أبرز سلبياتها هو ما يمكن أن أسميه بفوضى الحواس.

وبمناسبة الحديث عن فوضى الحواس فهي المولودة الثانية للروائية الجزائرية أحلام مستغانمي، رواية عاطفية يغلب عليها مشاهد الحب، والهيام، تدور الرواية حول الكتابة عن الكتابة ذاتها بشكل كبير، حيث تقوم بطلة "ذاكرة الجسد" بكتابة رواية وتعيش قصّة حب خياليّة مع بطل روايتها التي تكتبها عن فترة تسعينيات القرن الماضي، حيث تقوم الكاتبة بمواعدة بطل روايتها الخيالي الذي كتبته في تداخل بين الواقع والخيال، حيث تلتقي امرأة برجل في خيالها رسمته بالكلمات على الورق في منطقة رماديّة من الواقع، ويكتب الرجل الخيالي مع الكاتبة روايتهما معاً، في النهاية تضع القارئ في دهشة عدم الخروج من الحالة الفانتازية التي صنعتها الكاتبة بمهارة شديدة وإتقان.

وبالعودة إلى العنوان فإن الانسان لو جلس لوحده بعيدا عن مواقع التواصل قد يضيق صدره حرجا وكأنه فقد شيئا عزيزا، لأنه اعتاد على قضاء وقت طويل يتجول بين صفحاتها، وينشر ما لا يستطيع قوله ونشره في ساحة الحياة الواقعية.

لكن إزاء الوقت الكبير الذي يهدره أغلبنا امام حضرة مواقع التواصل دون فائدة، تبرز عدة أسئلة، هل تخلو تلك المواقع من البراءة، وهل تدخل ضمن مخطط تدميري هادئ وناعم؟ لماذا هي مجانية؟ لماذا طغت على كل تفاصيل حياتنا وصنعت منا عبيدا لفلسفتها؟ لماذا نتسابق على إنشاء حسابات على المواقع، والأسئلة تطول.


أظن أن تلك المواقع وإن لم يكن لها هدف تدميري من حيث فكرة التأسيس، إلا أن ثمة من استطاع تسخيرها لتحقيق مآربه، ومجانيتها قد يجعل الإقبال عليها كثيرا ويحقق لأصحابها أرباحا خيالية من الإعلانات فيها، وقد طغت على تفاصيل حياتنا وهذا يرجع إلى أن القائمين عليها يتفننون في فتنة وجذب انتباه الجمهور، بحيث ينسى الإنسان أولوياته ويسكن معها في برج التسويف، ويحدث التسابق بيننا لإنشاء حسابات على كل موقع نعرفه، فالإنسان يريد أن ينشئ حسابات هنا وهناك، هنا يقرأ، هنا ينشر، هنا يرد على التعليقات، هو تحقيق أقصى قدر من الاستفادة والإفادة، لكن هذا لا يمنع من وقوعه في فوضى نفسية.

وبغض النظر عن دوافع الإنسان لهذه الفوضى، فإن الذي يدركه بعضنا أن لمواقع التواصل قدرة خارقة على تبديل الاهتمامات وسرقة الوقت دون شعور، لأن الإنسان يقع في فخ مغريات المواقع المتنافسة في تقديم أفضل الإنتاجات، لذا علينا تقنين استخدامنا لتلك المواقع حتى لا تذهب أعمارنا فيما لا فائدة فيه، وعلينا أن نتذكر أن الله عزوجل قد أقسم بالوقت في عدة آيات، وأن السؤال عن الوقت هو أحد الأسئلة التي سنسأل عنها يوم أن نرحل عن هذه الحياة...





اشترك في قناتي تيوب

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

google-playkhamsatmostaqltradent