recent
أخبار ساخنة

حين تباع البندقية

 



لإدراك العلاقة بين التفاوض والقوة يجب الاستماع للرواية التي يشرحها سيد النقاد "التاريخ" حيثُ يؤكدُ عبر فصولها بأن الانتصارَ في المفاوضاتِ كالانتصارِ في الحرب يستلزمُ الاستنادَ لجدارٍ متينٍ والتمسكَ بالثوابتِ حتى لا يصبحُ المفاوض مجروراً بعربةِ الفريق الأخر يسوقه حيثُ يشاء لأن ساحة التفاوض هي المختبر الحقيقي للحكم على الشعارات الرنانة التي قد تتحول فيها الآمال إلى الآم إن لم يتمتع أصحابها برصيدٍ عالٍ من النفوذ وبنفسٍ طويلٍ في مقارعة العدو. فالمفاوضات فن تحقيق الطموحات على مراحل والإنتقال من مرحلة لأخرى يتطلب تنفيذ متطلبات المرحلة السابقة فليس منطقياً السير على خطين لا قواسم مشتركة بينهما كما أن القفز عن أحدهما دون انجاز جميل هو قفز في الهواء ، والقوة هي المحرك السحري لأي فكرة يراد لها النمو في عالم الفوضى التي أوقفت نمو القوانين.

   مهم جدا : اوباما الحلم الكاذب

ففي هذه الأوقات تنشط الدبلوماسية الصهيونية قولا وفعلا للتنظير للمفاوضات المباشرة و وتنظم لها  أفضل قصائد الغزل والمديح و تزعم من ناحية القول أن المفاوضات  غير المباشرة قد أتت أُكلها وبشرت بالمفاوضات المباشرة بشكل يوحي أن حلولاً سحرية قد نزلت من السماء ومن شأنها إدخال السرور إلى قلب شعوب المنطقة ولم يتبق إلا لقاء يجمع كبار القوم للتوقيع على ما تم انجازه ، ومن ناحية الفعل  فالاعتداءات  الصهيونية تعود بشغف لممارسة برنامجها الدموي لتدفع بفكرة ان القوة هي أساس الملك، كما أن  الزيارات الصهيونية  لعواصم الاعتدال الموهوم تأتي في سياق الترويج  للسلام حسب رؤيا نيتنياهو والإيحاء بأن إسرائيل جادة في السلام وما عليكم  أيها العرب إلا إقناع أبومازن بالعودة عن شروطه لأن تعنته لن يخدم عملية السلام ، وتدخل أمريكا على الخط  وتدعي إنها تلعب دور "الوسيط النزيه" وتبشر رام الله بجدية الحكومة الصهيونية في السلام وتنذرها بأفعال لا تحمد عواقبها ان أضاعت الفرصة ، وهذه الأفعال جعلت مهندس أوسلو يعيش أزمة حقيقة فهو لا يريد رفض مطالب الغرب ومتطلباته وليس قادراً على القبول بما يزيد نقمة الشرق عليه وإذا فتحنا صندوق البريد القادم من الماضي  نقرأ  خلاصة الرسائل التي تجزم بأن المفاوض الفلسطيني سيركب في عجلة الذل والمهانة لفترة جديدة لأنه تبرأ من التجارب وباع البندقية الشريفة و حرق أوراقَه كلها وسلم نفسَه لعدوهِ دون ترددٍ ووضعَ على مائدة البيت الأبيض كل ما تشتهي أنفس ساكنيه  من مبادئ و نسىَ أن الرهانَ على الحصانِ الأمريكي المفاوض الذي بلغَ من العمرِ ربع قرنِ  قد تأكدت خسارتَه.

 

اشترك في قناتي تيوب

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

google-playkhamsatmostaqltradent