الوصول إلى قمة الريادة يقتضي من الإنسان الالتحاق بمراكز صناعة القادة، ويمنحها نفسه كي تمنحه مجداً ورفعة، فما أجمل أن يكون لدى الإنسان طموح راقٍ، لأن الإنسان دون طموح مشرف هو ميت ينتظر قرار الدفن، وما أجمل أن يجدَ الإنسانُ من يحتضنه ويهديه إلى طرق تحقيق الطموح، ويزوده بكل أنواع التجارب والخبرات لترافقه طيلة حياته، وتكون له بوصلة ومُرشدة في كل الصحاري، ليستفيد منها في كل زمانٍ ومكان، وتؤهله لأن يكون قائداً في المستقبل، وتضعه أمام شواطئ المجد الرفيع.
إن الكتل الطلابية في الجامعات هي أكاديمية لصناعة القادة بامتياز، وهي البستان الذي يُزود الطالب بكل ما يلزمه للتعامل مع كل الظروف، ففيها يتعلم الطالب العمل ضمن جماعة، ويعرف ما عليه من واجبات وينفذها بإتقان وإخلاص ودون امتعاض، ويعرف ما له من حقوق، ويُؤثر مصالح الآخرين على مصالحه، ويبذل كل ما يستطيع من جهد من أجل إنجاح المشروع الذي يحمل أفكاراً ومبادئً نبيلة وعظيمة، ويتعلم كيف يمارس القيادة بوجهها العملي، ليقود سفينة الحياة فيما بعد الدراسة الجامعية إلى بر الأمان.
كما أن المجالس الطلابية هي التي تذكي روح التنافس الشريف بين الطلبة، وهي المختبر الحقيقي لقدرات الطلبة على إبراز مواهبهم واهتماماتهم المختلفة، ووضعها في قالبٍ يخدم الجميع، وهي حلقة الوصل بين الطلبة وبين إدارة المؤسسة التعليمية فيما يخص قضايا الطلبة، وهي الحصن المانع من انزلاق الطلاب إلى الهاوية لما فيها من مراجعة دورية وتقييم مستمر لأعضائها كي لا ينحرف بهم الطريق عن سواء السبيل إلى سوئه.

إن من يعتقد أن الجامعة هي مكان للحصول على ورقة مكتوب على وجهها أعلى الأرقام فقط، فقد أخطأ، لأن الطالب إن لم يتفاعل مع معطيات المرحلة الجامعية بكل مكوناتها وتفاصيلها، لن يؤثر في المجتمع، فالطالب الذي يكتفي بالتقوقع في محراب الأنشطة والمقررات المنهجية فقط، ولا يتفاعل مع الكتل الطلابية بفعالياتها وبرامجها، متذرعاً بأنها ليست ذات فائدة، أو أنها مضيعة للوقت، هو في حقيقة الأمر ليس زاهداً في الأنشطة الطلابية اللامنهجية، بل هو عاجز عن الاندماج فيها، وعاجز أن يلعب دور المؤثر في مجريات الأمور في الجامعة، وعلى هذه الفئة من الطلبة أن تتذكر أن أسوء خطأ يرتكبه الإنسان في حياته هو يقينه الجازم والتام بأنه لن ينجح، أو أن لا شئ يستدعي الاهتمام إلا تضخيم الأرقام على وجه الورقة، دون الاهتمام بتطوير المهارات الشخصية، وعليه أن يتذكر أن أغلب من وصل لأعلى المناصب والمراكز من قادة الفكر والرأي والسياسة قد تخرجوا من حضن الكتل الطلابية الجامعية.

إن على كل طالب يريد أن ينجح في حياته العملية
أن يدخل في محراب العمل الجماعي، وأفضل عمل جماعي يمكن أن يناسب الطالب في فترة الجامعة
هو الانضمام لكتلة طلابية يرى أنها تتناسب مع أفكاره وطموحاته الشريفة، دون أن
يكون الهدف هو التسلق لتحقيق طموحات شخصية على حساب الفكرة والهدف، ففي العمل الجماعي
الخير الكثير، واعلموا أن وجودكم في الكتل الطلابية هو مهم وضروري، فلا تقللوا
من شأن وجودكم، فما أسوأ أن يفقد الإنسان معنى وجوده في الحياة.