مهما اختلفت الإجابات فإنها تلتقي على أن الوطن هو ذلك القيثارة التي مهما كانت ألحانها. ...تعجبنا وتطربتا، فلو كانت هادئة أو صاخبة جميلة أو رديئة، تعحبنا.
الوطن هو ذلك الحضن الذي يُغني الإنسان عما سواه، وإن لم يعش الإنسان
في وطنه ،فإن وطنه يعيش فيه.
فالوطن ليس تراب وماء وصخر ووادي وجبل وسهل وبحر ونهر،،، وإلا ،،،، فلماذا
يشتاق الإنسانُ لبلده رغم أنها لا تملك مقومات الجمال الساحرة. ؟
وليس الوطن ثروات تحت الأرض وفوقها،،، وإلا ،،،فلماذا يشتاق الإنسان
لبلده رغم أنها قد تكون الأغنى في الفقر؟
وليس الوطن ذلك الجغرافية الشاسعة التي لا ترى العين آخرها ،،،وإلا،
فلماذا يشتاق أبناء الدول الصغيرة لوطنهم؟
إن حب الوطن ليس بدعة بشرية بل هي واجب ديني وأخلاقي، ولنا في رسول
الله أسوة حسنة حينما عبر عن حبه لبلده مكة حيث قال: والله انك لاحب البلاد الى
،ولولا أن أهلك اخرجوني منك ما خرجت.
يقول محمود درويش أيقونة
الشعر الفلسطيني : الوطن ليس سؤالا تجيب عليه وتمضي، انه حياتك وقضيتك معا، الوطن
هو الشوق إلى الموت من أجل أن تعيد الحق والأرض معا ، ليس الوطن أرضا ، ولكنه
الأرض والحق معا ،الحق معك، والأرض معهم.
كلنا يعرف ما قاله أمير
الشعراء أحمد شوقي (وطني لو شغلت بالخلد عنه....نازعتني إليه في
الخلد نفسي)وهذا يعبر عن مدى تغلغل حب البلاد في الفؤاد، رغم ما قيل عن تحفظات عن
بيت الشعر هذا.
يقول صلاح خلف في كتاب فلسطيني بلا هوية (المنفى بحد ذاته ألم) وعلى
هذا فلا يعالج الألم إلا الوطن بما فيه ومن فيه.
وعلى ايقاع نغمة (هذه الأرض لي)خرجت جماهير فلسطين يوم 30مارس
للمشاركة في مسيرة العودة الكبرى، وقد كان
لي شرف المشاركة فيها حيث رأيت الحماسة في عيون المشاركين خاصة صغار السن الذين
يتوقون شوقا لرؤية جمال الارض التي اغتصبها الاحتلال ويرفعون شعار( عائدون )لأنهم
صدقوا ما قاله محمود درويش (على هذه الأرض ما يستحق الحياة ) بعدما كان يسمعون من
أجدادهم مرويات وحكايا عن تلك البلاد التي كانت تسمى فلسطين وصارت تسمى فلسطين.
إن حب الوطن يدفع الإنسان للمخاطر غير مبال بالمخاطر ان استشهد او صار جريحاً أو
معاقاً، ولقد تشرفت بزيارة الجرحى في مستشفى الاوروبي فوجدت معنوياتهم عالية غير
نادمين على ما فعلوا ولا يحزنون على ما أصابهم.، ويؤكدون اننا باقون هنا، ويرددون
ما قاله درويش (وطني ليس حقيبة، وانا لست
مسافر).