تعددت
أوجه بسالة وتضحية الجماهير العربية من المحيط الى الخليج للذود عن فلسطين منذ سقوطها
قبضة دولة الاحتلال الصهيوني، والمساهمة في فك قيدها كل بما يقدر ويعرف، انطلاقا من
استشعار الانسان العربي والمسلم بواجبه تجاه أرض فلسطين بما تحمله من رمزية قدسية،
فالبعض جاهد بماله، والبعض جاهد بنفسه، والبعض
جاهد بصوته حين غنى الاغاني الوطنية الحماسية ، والبعض جاهد بكلمته وهم الشعراء.
الشعراء
الذين واكبوا الاحداث لحظة بلحظة لم يناوأ بأنفسهم عن المشاركة في اعادة تفعيل و تشكيل الوعي الجمعي
العربي بأن سقوط فلسطين بداية السقوط الأخلاقي والقيمي العربي اذ لا يعقل أن تُغتصب
أرض فلسطين التي باركها الله من فوق سبع
سموات ، والمسلمون لا ينقصهم عدد ولا عدة، فنظموا القصائد التي ألهبت حماس الجماهير
وحركت مشاعرهم تجاه التضحية من أجل فلسطين.
وعن
دور الشعر في اعتباره أحد أوجه المقاومة ، فقد يستهين البعض بدور الشعر في
المقاومة واعتباره مجرد كلام، لكن من يتبنى هذا الرأي هو بالتأكيد لم يقرا قصة (
خل عنهم يا عمر فو الله انها لأشد عليهم من نضح النبل) فهذه كلمات نطق بها سيد
المرسلين محمد عليه الصلاة والسلام موجها اياها لعمر بن الخطاب الذي أخذ على
عبدالله بن روحة حين قال في الحرم المكي بعد تأدية رسول لله وصحابته عمرة القضاء:
خلوا
بني الكفار عن سبيله اليوم نضربكم على تنزيله
ضرباً
يزيل الهام عن مقيله ويذهل
الخليل عن خليله
وهذ
اقرار نبوي لدور الكلمة والشعر باعتبارهما أحد أدوات الجهاد والمقاومة ، وهذا ما
يؤكده حديث النبي عليه الصلاة والسلام (
من رأي منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم
يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك
اضعف الإيمان) أليس وجود الاحتلال
الاسرائيلي في فلسطين واستمراره حتى الان
هو اكبر منكر ؟ أليس الشعر هو محاولة للتغيير باللسان؟

إن
من ينكر دور الشعر في مقارعة الاحتلال عليه أن يتذكر ملاحقات الاحتلال الصهيوني
لكثير من الشعراء العرب ومنع قصائدهم من الانتشار في صفوف الجماهير ، حتى أنه أقدم
على اغتيال اصحاب الكلمة من الأدباء والشعراء بالإضافة الى العلماء.
إن
من يتأمل في طبيعة الأوضاع التي نعيشها يلحظ ارتفاع نسبة الإحباط في نفوس الجماهير
العربية، لكن الشاعر الصادق والمؤمن بأن
ما يحدث هو قدر الله ، نجده لا يستسلم لهذا الإرث الضخم والخانق من الاختلالات والأحزان في نفوس
الجماهير، فيدفع حروفه وكلماته لتضيء عتمة
الطريق بحروف الإصرار على المضي قدماً نحو الهدف مهما كانت الدروب صعبة ومهما عظمت
الاشواك.
إن
الشعر الهادف هو رسالة سامية ووسيلة
انسانية راقية يرفض الخروج من كونه اداة
للارتقاء بقيم ووطنية ودينية وانسانية عليا ، و يرفض الانضمام الى نهج الشعر
الهابط شكلاً ومضمونا والذي يحرف القيم النبيلة والاصيلة عن مسارها بحجة انه يحق
للشاعر ما لا يحق لغيره.