recent
أخبار ساخنة

الاستهزاء و السخرية في ضوء القرآن الكريم




عام 2014 وصلتني دعوة لحضور مناقشة رسالة ماجستير من إنسانٍ طموحٍ، فذهبتُ بلا تردد لأسبابٍ منها، أعجبني طموح  الطالب الذي مضى من عمره آنذاك58 عاماً، فهو لم يستسلم للسن كما استسلم كثيرون أصغر منه سناً، ثم أني أحب حضور مثل هذه اللقاءات للإستفادة.

لم تكن تلك الرسالة هي المولود العلمي الأول أو الوحيد لصاحبها، بل سبقه وتلاه ما يقارب من 100 كتاب خلال مسيرة علمية حافلة تمتد لخمسين عاما، ولا زال يعطرنا بإنتاجاته العلمية الحسنة، ذاك هو الاستاذ حسني العطار.

حديثا صدر للعطار ما يقارب من 30 كتاباً، أهداني بعضاً منها، مثل " الإستهزاء و السخرية وفي ضوء القرآن الكريم"، قرأته، أعجبني، وإنطلاقاً من قول رسولنا الكريم ( من كتم علماً ألجمه الله بلجام من نار) فقد وفقني الله لتلخيصه، ولا أٌخفي عليكم إني تعلمت الكثير مما كنت أجهله.

من الكتاب تعلمت أن ثمة فرق بين  السخرية والإستهزاء، فالسخرية تكون بالفعل والقول، ويسبقها عمل يُسخر بصاحبه، أما الإستهزاء يكون بالقول فقط ولا يسبقه عمل، وأن السخرية وردت في القرآن 16 في احدى عشر سورة، منها ثلاثة مدنية والباقي مكية بينما كلمة الإستهزاء وردت بجميع مشتقاتها 34 مرة  في 21 سورة أربعة مدنية و سبع عشر مكية وهذا دليل أن المرحلة المكية كانت مرحلة الإستضعاف والتكوين والمحن.

تحدث الكاتب عن أسباب الإستهزاء المتمثلة في الحقد على الدين وأهله والحسد والكبر والنفاق والجهل وحب المال،  وذكر أن الكبر الذي بمعنى الاستعلاء ورد في القرآن الكريم ما يزيد عن 60 مرة  وأن لفظة الجهل بكل مشتقاتها وردت فيما يزيد عن 25 مرة.

وذكر أقسام المستهزئين (المستهزئ الكافر_ المنافق_ المسلم ) فالكافر هو المتبع لغير الاسلام،  ومنهم المشرك الذي ليس بيننا وبينه إلا  أمرين، إما الاسلام أو السيف، ومنهم أهل الكتاب اليهود والنصارى وينقسمون لقسمين محاربين  ومعاهدين

و ذكر العطار صور الإستهزاء في الأُمم السابقة بحق الله عزوجل حيث قال اليهود " يد الله مغلولة " و" إن الله فقير ونحن أغنياء"، والاستهزاء بالرسل حيث قال المشركون عن نوح عليه السلام" إنا لنراك في ضلال مبين"، كما كان الإستهزاء بالدين ما فعله السامري من صناعة العجل وتقديمه لقومه على أنه ربهم ورب موسى الذي ضل عنه موسى.

وفي العصر الحديث  ذكر العطار أوجه الاستهزاء بالله عزوجل مثل زيارة القبور والاضرحة والدعاء الموتى والاستغاثة بهم، وتطاول بعض شعراء الحداثة و الكتاب على جناب الله عزوجل، وزخرفة أسماء الله الحسنى على ملابس وأشكال خشبية وعرضها في فنادق ومعارض فنية، وقراءة القرآن في الإحتفالات وتكريم الفتانين، واطلاق أسماء الله الحسنى على مسلسلات وأفلام وطباعة نشر كتب متطاول على الذات الإلهية.

كما ذكر العطار أوجه الإستهزاء بالدين حيث النظر له على إنه غير صالح لبناء الأُمة، والإستهزاء بالعقيدة والقضاء والقدر والثواب والعقاب والحجاب والنقاب واللحية والثوب القصير.، واستخدام آيات الله وأحاديث النبي للتخويف والترهيب لتنفير الناس من الدين، ومن صور الاستهزاء بالرسول في العصر الحديث بعض الشعراء يكتبون اشعار تحط من قدر النبي وكذلك يفعل الرسامون والطعن في السنة الشريفة.

وينتقل العطار للحديث عن صور الإستهزاء بالصحابة حيث التجسيد لشخصيات الصحابة في مسلسلات وأفلام والإستهانة بأسماء الصحابة المبشرين بالجنة، واحتقار شخصية ابو هريرة رضي الله عنه واتهامه بعدم الإخلاص في دينه.

ما سبق هو بعض ما جاء في الكتاب، ففي الكتب الخير الكثير مما لا يتسع المقال للحديث عنه، أنصحكم بقراءة الكتاب إنه ممتعٌ حقاً. 

 





اشترك في قناتي تيوب

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

google-playkhamsatmostaqltradent