recent
أخبار ساخنة

الخلافات العربية وتأثيرها في القضية الفلسطينية

كثيرة هي الخلافات والتباينات التي وقعت بين الدول العربية في تعاطيها مع القضايا، سواء في داخل حدود الوطن العربي أو خارجه، فكل دولة ترى أنها على صواب وأن غيرها على خطأ، حتى وصلت الاختلافات إلى حد القطيعة، وللأسف فقد كانت القضية الفلسطينية هي الضحية الأولى بحكم أن القادة الفلسطينيين بحاجة إلى الكل العربي مجتمعًا.

 اتفاقية كامب ديفيد في سبتمبر عام 1978

حينما وقعت مصر بقيادة أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد في سبتمبر عام 1978، اختلفت الدول العربية مع السادات، وتصدرت الجزائر وسوريا وليبيا حملة ضده، واعتبرت الحدث طعنةً للقضية الفلسطينية وتم نقل مقر قيادة جامعة الدول العربية إلى تونس؛ مما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين مصر وهذه الدول، لدرجة جعلت التايمز البريطانية تكتب «وداعًا للتضامن العربي».

 وإزاء الوضع العربي الجديد والمقسم ما بين مؤيد للسادات فيما ذهب إليه، وبين معارض له، كانت القيادة الفلسطينية تدفع ثمن تلك الاختلافات، فقد أعلنت أنها ضد الاتفاقية واعتبرتها تنازلًا عن القضية العربية المقدسة، وحينها اتخذ السادات تدابير وخطوات عقابية ضد المنظمة طالت امتيازات قد منحها الرئيس جمال عبد الناصر للفلسطينيين.

 وما إن كادت الخلافات العربية أن تهدأ حتى تبدأ من جديد في أول التسعينات حين أقدم الرئيس العراقي صدام على غزو الكويت، الأمر الذي زاد الانقسام العربي، وهنا انقسم العرب إلى (مع وضد) الغزو، انحازت منظمة التحرير إلى العراق من عدة نواحي، أن العراق كان داعمًا ماليًّا كبيرًا للمنظمة، وأن العراق كان ينتهج النهج الثوري في طبيعة نظرته لإسرائيل، وهنا وقعت المنظمة في فخ الاصطفاف؛ مما أثر سلبًا في الفلسطينيين بدول الخليج، وخاصة الكويت التي طردت الكثيرين منهم وبدأت رحلة تشتت ومعاناة من جديد.

قطر رائدة العمل الانساني في غزة

 وبالقفز على كثير من محطات الخلافات العربية نصل إلى أزمة الخليج في صيف 2017 ما بين السعودية والإمارات والبحرين إضافة إلى مصر، وبين دولة قطر التي تواجه اتهامات أنها تدعم الإرهاب وتفتح بيتها لجماعة الإخوان وقادة حماس التي صنفتها السعودية والإمارات والبحرين إضافة إلى مصر بأنها إرهابية.

 لنفترض أن الأزمة الخليجية الحالية ليست بسبب وجود قادة حماس والإخوان في مصر، فإن ذلك يشكل سببًا قويًّا، وجاء هذا على لسان وزير خارجية السعودية عادل الجبير الذي اعتبر أن حماس إرهابية، فإن المطلوب من حماس من خلال تلك الأزمة إعطاء رأيها بوضوح «أين تقف؟» على قاعدة جورج بوش الابن حين قال من ليس معي فهو ضدي، مع العلم أن حماس تؤكد دومًا أنها مع أن يكون الصف العربي كالبنيان المرصوص قويًّا، وسواء انحازت حماس للفريق الذي يحاصر قطر أو انحازت لقطر، فإن الأمر لن يتغير إيجابيًا لحماس؛ بل سيكون وبالًا عليها أمام جمهورها في العالمين العربي والإسلامي؛ لأنها حركة كما يكرر قادتها «لا ننام في جيب أحد، وأن من دعمنا في حق لا ندعمه في باطل».

 

السلطة الفلسطينية والأزمة الخليجية :

التزمت السلطة الفلسطينية الصمت التام حيال الأزمة الخليجية القائمة بين قطر من جهة، وبعض دول مجلس التعاون الخليجي ومصر من جهة أخرى، ولم تصدر أي موقف رسمي بشأن التوتر الذي بلغ ذروته بقطع العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين، كما لم تتطرق المنابر الإعلامية الرسمية التابعة للسلطة إلى تغطية الأزمة، واكتفت بذكر خبر قصير عبر الوكالة الرسمية (وفا)، والإذاعات الرئيسية التابعة لها.

 لكن هذا الصمت لا يعني ان السلطة تقف على درجة واحدة من دول الخليج، أو أن عباس لا يتمنى تحجيم دور قطر باعتبارها تستضيف قادة حماس التي ينظر لها عباس أنها الخصم القوي له، بل لأنها تنظر لدول الخليج مثل صنبور مال، فالخليج يساهم بنسبة كبيرة في تمويل موازنة السلطة، ثم إن محمود عباس وأولاده لهم مصالح وشركات كبيرة في قطر، فهو يخشى إن عبر عن رأي ضدها أن يخسر مصالحه هناك، وجدت السلطة الصمت أفضل طريقة، في التعامل مع الأزمة.


يمكن القول إن الخلافات العربية هي أحد اسباب تأخر تحرير فلسطين، خاصةً أن إسرائيل وعبر العصا الأمريكية استطاعت تقسيم العربي (معتدل- إرهابي)، فالعربي المعتدل هو الذي يؤيد أمريكا بما تراه دونما اعتراض، ولا يرى في إسرائيل خطرًا ، وهو هنا بمثابة الكائن الذي لا يفكر في كراهية إسرائيل، وهنا يصبح أشبه بالميت من حيث النخوة والوطنية، فإسرائيل ترى أن العربي الجيد هو العربي الميت.

 

 

اشترك في قناتي تيوب

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

google-playkhamsatmostaqltradent