recent
أخبار ساخنة

مؤتمر إسطنبول والبقرة المقدسة



لكل نظام سياسي مجموعة قيم وأفكار ورؤى يحاول إلباسها ثوب القداسة وتخزينها، ويستدعيها النظام حين يشعر أنه مهدد بالزوال أو التهميش، ويظهرها أنها الحصن المنيع، رغم أنها قد تكون عاجزة عن تقديم حبة دوء لمريض مصاب بالزكام، ويدعى أنه الحارس الأمين ضد محاولات المساس بالوطن والمواطن، ورغم معرفة الجميع بأن هذ النظام هو من يرمي الوطن والمواطن عن قوس واحدة.

وهذا حال بعض الأنظمة والتنظيمات العربية التي أراحت مبادئها التي قامت من أجلها واستراحت وانسجمت مع معطيات الواقع السياسي بكل سلبياته دون أن ُتبقي في كنانتها سهما واحدا يقيها حر التقلبات السياسية.

 

وإسقاطا لما سبق على هذه الفترة التي نعيشها كشعب فلسطيني وما يتعلق بمؤتمر (فلسطينيو الخارج) المنعقد في إسطنبول، فإن السلطة استشاطت غضب حينما لم يكن لها رأي فيه، فبعثثت البقرة المقدسة من مرقدها كي تعزف السيمفونية المشروخة "إن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".

 المسلمون وعقدة النقص


الشعار السابق كان صادقا بالنظر للمرحلة الزمنية التي ولد فيها، حيث كانت منظمة التحرير الفلسطينية منظمة تحرير وفلسطينية تشمل الكل، لكن ومع سحب هرمونات الثورة من المنظمة وتقليص صلاحياتها لصالح السلطة التي اعتلى سدتها أناس يتفاخرون بأنهم ضد المقاومة، لم تعد المنظمة كذلك، حيث أصبحت المنظمة كالبقرة المقدسة يتم استدعاؤها في أوقات معينة فقط، ولم تعد صاحبة قرار في تسيير مصالح الشعب بل إنها تسير وفق تعليمات تأتيها من Fakss politika من خلال سياسة الفاكس.

 أظن أنه على السلطة كي تبقى مصانة من رياح الثورة الفلسطينة من الداخل والخارج أن تسعى جاهدة لترميم نفسها وفتح صدرها أمام الشعب بكل ألوانه وفئاته السياسية.

هذا المؤتمر أحرق أعصاب كثيرين حيث اعتبروا أن "عقد هذا المؤتمر بهذا التوقيت وهذه الكيفية هو خدمة لحكومة اليمين المتطرف الإسرائيلي بزعامة نتنياهو، وكل أولئك الساعين إلى تصفية القضية الفلسطينية في هذه المرحلة التاريخية العصيبة التي تمر بها الأمة العربية، وأن مثل هذه المؤتمرات تعمق الانقسام وتساوق مشبوه مع المخططات الإسرائيلية المتواصلة لتصفية الكيانية الوطنية الفلسطينية المتمثلة في منظمة التحرير، وهنا أطرح سؤالا، هل سياسة السلطة الرسمية الحالية مزعجة لإسرائيل وإلى أي حد تخشاها إسرئيل؟

 

وبالعودة إلى مؤتمر إسطنبول فإني على يقين بأنه لم يكن ليحدث لولا التهميش الذي عاشه اللاجئون الفلسطينيون في أصقاع الأرض، ودليل إضافي على موت منظمة التحرير، وخاصة فيما يتعلق باللاجئين وغياب تمثيلهم في المنظمة، حيث تم تهميش اللاجئين الفلسطينين إلا في الإطار الذي يخدم فكرة رئيس السلطة ويحقق مآربه، ثم إن زيارة عباس للجمهورية اللبنانية ومتابعته لبرنامج أراب أيدول وتهميش اللاجئين في لبنان التي تعتبر أكبر دولة تستقبل لاجئين فلسطينين، هو دليل واضح لدور عباس وتساوقه مع مشاريع تصفية قضية اللاجئين، وما يزيد الطين بلة أن عزام الأحمد قيادي فتحاوي لا يمانع من دخول قوات الأمن اللبنانية للمخيمات الفلسطينية.

 

مؤتمر إسطنبول وعلى لسان منظميه الذين أكدوا أنهم لا يطرحون أنفسهم كبديل عن المنظمة، لكنهم يطالبون بفتح باب المنظمة أمام الجميع، وألا تبقى حكرا على أحد، خاصة أن أغلب قادة المنظمة هم ديكورات في يد عباس يحركهم كيفما شاء، هو بمثابة دق جرس الخطر تجاه تهميش السلطة لقضية من أخطر قضايا العصر، وما يؤكد ذلك الحشود التي شاركت والزخم الإعلامي الذي صاحبه.

 

أظن أنه على السلطة كي تبقى مصانة من رياح الثورة الفلسطينة من الداخل والخارج أن تسعى جاهدة لترميم نفسها وفتح صدرها أمام الشعب بكل ألوانه وفئاته السياسية.

اشترك في قناتي تيوب

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

google-playkhamsatmostaqltradent