بعد حصولي على الثانوية شاء الله أن تولي أشرعتي وجهها صوب بلادٍ لم يكن في حساباتي أو توقعاتي أو تطلعاتي أن أزورها، عدا عن أن أكمل دراستي فيها، فقد رست سفينتي في بلاد الماء والخضرة والوجه الحسن، هناك في المملكة المغربية.
وما أن حطت رحالي في الرباط، حيث كل شيء
مختلف، اللهجة، الطباع والطعام وكثير من صنوف الحياة اليومية، لكن ما لفت انتباهي
هو أن لفلسطين في قلوب المغاربة مكانة عظيمة وكبيرة جدا، فما أن نبدأ بتعريف
أنفسنا من فلسطين حتى يبدأ الترحيب والتسليم سواء في الجامعة صبايا وشباب، أو خارج
الجامعة.
الداعي لما سبق هو موجة تطبيع أنظمة عربية مع الاحتلال الصهيوني ، هذه الموجة وجدت
خلطاً غير منطقياً عند الكثيرين بين رأي النظام الحاكم، وبين الشعوب، وقد عاتبني اليوم أحد أصدقائي المغاربة من أيام الجامعة أنه
لاحظ موقف سلبي للبعض من المغاربة، فأخبرته أن هذا الموقف هو ضد الأنظمة وأن كل
الحب والاحترام للشعوب العربية من المحيط إلى الخليج فهي شعوب تنبض قلوبها بحب
فلسطين.
فالمغرب لمن أراد معرفة موقف شعبها من فلسطين :
فليرجع الى الذاكرة حيث بداية انتفاضة الاقصى عام 2000 فقد شهدت أكبر
مسيرة نصرةً للانتفاضة شارك فيها مليون مشارك وقد تشرفت أن شاركت فيها.
في المغرب قلما تجد حارة لا يوجد بها شارع أو معلم به اسم فلسطين غزة
القدس أو أي مدينة فلسطينية.
مع بداية الانتفاضة كنت ضيفاً برفقة مجموعة من الأصدقاء في برنامج إذاعي
فشعرت أن مقدم البرنامج يعيش في فلسطين.
كثيرون جدا جدا من المغاربة يحفظون كثيراً من الأشعار الفلسطينية
وخاصة للشعراء الكبار "درويش وقاسم وفدوى طقان" وغيرهم.
ومما أبلغني به صديقي المغربي اليوم أن شخصيات يهودية كبيرة بالمغرب
خرجت في مسيرة ضد التطبيع من امام البرلمان المغربي وسط العاصمة الرباط.
ختاما وجب التأكيد أن التفريق لازم بين رأي الشعب ورأي النظام، فالأنظمة
تطبع، لكن الشعوب ترفض، ولنا في شعب مصر العظيم مثال حي، فبعد مرور 40 عاما من
توقيع اتفاقية كامب ديفيد لا زال الكثير من أبناء مصر العظيمة يرفضون الاعتراف
بالكيان الصهيوني بالتطبيع معه.