تصور أنك تريد بناء بيتٍ جميل، أو ترغب بالقيام برحلة سياحية ممتعة، أو تود الالتحاق بإحدى الجامعات ،فما هي أول خطوة تفكر فيها ؟
بالنسبة للبيت فمن الطبيعي أن أول شيء تفكر فيه هو تجهيز خريطة توضح مكان غرفة النوم وغرفة نوم الأطفال وغرفة الضيافة والمطبخ وباقي منافع البيت، أما بخصوص الرحلة، فيجب معرفة طقس ومناخ المدينة وطقوس أهلها وعاداتهم وتقاليدهم، والاماكن المشهورة من فنادق ومطاعم ومتنزهات وجامعات والأماكن الاثرية فيها كي تستمتع بالرحلة، وفيما يتعلق بالجامعة فستبحث عن الجامعات العريقة، أليس كذلك؟
لكن هل فكرت وأنت مقدم على الزواج أنت أن تقرأ شيئاً عن الثقافة التربوية في فترة الخطوبة أو في أول سنوات الزواج ما قبل الانجاب، من باب الاستعداد لمرحلة قادمة لامحالة ؟
لن أكون متشائماً كثيراً لو أجبتُ ب(لا) لكني لن أكذب الواقع والوقائع و أقول( نعم)، لأن ما نراه من اخطاء وخطايا في العملية التربوية الناتجة عن جهل الوالدان بتقنيات وفلسفة التربية أمر لا يمكن انكاره.
هنا استحضر ما قرأته في كتاب " القواعد العشر لتربية الابناء " للدكتور عبد الكريم بكار حيث يذكر (أغلب البشر يملكون جرأة انجاب سبعة أبناء دون أن يخطر في بالهم إذا ما كان في حاجة لقراءة كتيب أو سماع محاضرة أو استشارة متخصص ،فنقطف بعد ذلك الثمرات المرة لتلك الجرأة المتمثلة بانحراف العديد من المراهقين والمراهقات.
وفي ذات الكتاب وفي أول قاعدة يشبه بكار الطفل ب" الآلة "حيث يقول : (حينما يشتري الإنسان آلة حديثة لا عهد له بها من قبل ، فإنه يشغلها بناء على ما فهمه من دليل الصانع ( الكتالوج ) المرفق بها فيعرف كيف يديرها ويتجنب عطبها، ويضيف ، بأن الثقافة التربوية ليست مهمة للوالدين فحسب، إنها مهمة اسرية جماعية ،فالأبوين لن يستطيعا تحمل اعبائها، وضرب مثلا حيث قال : تصور أن في الاسرة أبناء في العقد الثالث والثاني والأول ويكون لديك اطفال دون سن المدرسة، فالمطلوب هو تعاون كل هؤلاء في العملية التربوية.
فالثقافة التربوية كما يعرفها بكار هي مجموعة المعلومات والخبرات التي نحتاج لها في تكوين البيئة التربوية وفي طرق تهذيب الأبناء وتنشئتهم النشأة الصالحة وفي التعامل مع مشكلاتهم وأخطائهم، ويقوم جوهر التربية على التفاعل وبناء الروح الجماعية وما يطلبه من مبادئ وقيم وتضحيات.
إن ما قاله بكار يؤكد على ضرورة معرفة قواعد التربية قبل عملية الانجاب، ولا نترك الامور للمثل القائل " لما يجي الصبي بنصلي على النبي "، لأن نسبة الخطأ تقل كلما زاد التخطيط للأمر، والاستعداد له، ومن هذا نستنتج أن الثقافة التربوية ضرورة ملحة ويجب أن تكون حاضرة وباستمرار، كي يصل شراع الاسرة إلى بر الامان.
تاريخ النشر 23 مارس 2019
صحيفةفلسطين