إن لم يكن في الحياةِ شيءٌ يستحق الحفظ إلا القرآن " لكفى " لماذا ؟ لأنه شرف للمسلم حفظ كلام الله عزوجل في عقله وقلبه ، وهو منهج حياة الانسان والمجتمع، وفيه أخبار من كان قبلنا واستشراف لما سيأتي، ولأنه هدى وضياء منير، لذا يسعى كثيرون لحفظه ، خاصة الأطفال ، وهنا اتساءل ، هل حفظ القرآن يكفي لتغير سلوك الإنسان ؟ وهل هو غاية أم وسيلة ؟
الإجابة تقتضي المقارنة بين سلوك الانسان قبل وبعد الحفظ ، فإن تغير للأفضل ، فالحفظ "وسيلة "، وهذا شيءٌ رائعٌ، وسيكون القرآن حجة له ، أما لو كان سلوك الانسان سيء قبل الحفظ واستمر بعده، فحفظه للقرآن "غاية " وسيكون القرآن حجة عليه.
استوعب السلوك السيء من إنسانٍ غير حافظ للقرآن، فيسرق، ويزني، ويشهد زور ،ويعق والديه، ويقطع رحمه، ربما يعرف أن ذلك حرام، وربما يجهل، لكن موجبات التحريم ليست موثقة لديه بالنص القرآني، بمعنى أنه يجهل تفاصيل الاثر المترتب على فعله السيء، لكن ليس من المنطقي جهل حافظ القرآن بتلك الامور وانها حرام شرعاً، على اعتبار أن القرآن فيه " تبيان لكل شيء " وقد أكد رسولنا الكريم " إذا عَرَفْتَ فَالْزَمْ" .
على ما أعلم، فإن الله عزوجل لم يأمرنا بحفظ القرآن بقدر ما أمرنا بقراءته وتدبره وتطبيقه وتعليمه للناس، وهذا الفهم ساد بين الصحابة والتابعين، فقد روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : " كنا نحفظ عشر آيات ولا نتجاوزها حتى نطبقها ونعلمها للناس "، وهنا تتجلى عظمة الهدى النبوي " خيركم من تعلم القرآن وعلمه ".