تنوعت وسائل تهذيب وتأديب الطفل وفقا لظروف الزمان والمكان وطبيعة الاسرة
ومؤهلات الوالدين وما يحملانه من ثقافة، ومن تلك الوسائل " الضرب "، فكيف
نظر الاسلام للضرب ؟
المعروف أن الطفلَ كائنٌ مجبولٌ
على تحقيقِ رغباته ضارباً عرض الحائط كل الظروف ، ومن أجل تحقيق مبتغاه قد يعند و"
يركب رأسه " فيفعل ما يظنه أنه يعكر مزاج الاهل.
وأمام هذا العناد الطفولي، تختلف طريقة تعامل الأهل معه، بين من ينفذ
رغباته انطلاقاً من أن " الباب اللي يجيك منه الريح سده واستريح " ، وبين
اللجوء لضربه من باب " أن الضرب يمنع الطفل تكرار السلوك ".
المراهق كيف نفهمه وكيف نوجّهه؟
قبل الولوج في التفاصيل، وجب التأكيد أن ضرب الأطفال
مباح شرعاً، فقد ورد عنه عليه الصلاة والسلام " مروا صبيانكم بالصلاة على سبع،
واضربوهم عليها على عشر"، ولا أظن أن يبيح الإسلام شيئاً ما أو يحرمه دون مقصدٍ
معتبر، فالضرب ليس على اطلاقه وليس فاتحة العلاج ، بل أخر مرحلة ومقيدٌ بضوابط "
ضرباً غير مبرح " ، وقد فسر العلماء " غير مبرح " بالذي لا يكسر
عظماً ولا يشين جارحة كاللكزة وليس على الوجه
".
لقد تطرق أحد العلماء
المسلمين الشيخ الفقيه ( شمس الدين الأنبابي) في كتابه ( رسالة رياضة الصبيان ) فقال
: أن يكون عمر الطفل فوق عشرة اعوام ، فالصغير غير العاقل لا يُضرَب، وألا يكون
الضرب في موضعٍ واحد، ويتجنب الوجه والفرج والرأس ، فضربهن قد يوهن الدماغ ، أو يؤثر
أثراً قبيحاً ، بينما الضرب في الرجلين آمن ، وأن يكون الضرب متتالي ، وألا يرفع المؤدِّب
آلة الضرب فوق إبطه حتى لا تكون الضربة قوية تسبِّب الألم المبرِح، فقد كان عمر
رضي الله تعالى عنه يقول للضارب " لا ترفع إبطك " .

وأضاف : كف عن ضرب الطفل إذا ذكر الله تعالى وأنت تضربه ، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " إذا ضرب أحدكم خادمه، فذكر الله، فارفعوا أيديكم "
، وفي هذا لفته رائعة ، فالطفل وصل لقناعة بخطئة وسيصلحه، أو وصل لمرحلة الألم التي لم يعد يتحملها ، و الاستمرار
في الضرب هنا تعد جريمة في صورة تربية .
وعن رأي النظريات التربوية فقد أجمعت على نبذ الضرب، واعتبرته تصرفاً
غير لائق بحق انسان لين الطباع والتكوين، طالما أن سلوكه يمكن تقويمه بغير ضرب، واتفقت
مع الرؤية الاسلامية للضرب بأن يكون أخر علاج، ويتم اللجوء إليه عند الضرورة القصوى،
وليس كوسيلة تربوية منتظمة ،وهو ما عبرت عنه احدى النظريات ب " التلطيش
" على ألا يتجاوز التلطيش " ضربتين خفيفتين على آخر الدبر براحة يد مفتوحة،
وهذا ما ينسجم مع فكرة "ضرب غير مبرح".
اختم بالحديث عن نتائج الضرب _إن كان بغير وجه حق _ فهو يجعل من
الطفل شخصية عدوانية حاقدة ، وسيكره نفسه والاخرين، وسيعجز عن مواجهة الأحداث واتخاذ القرار، وسيفقد تقديره الذاتي
وسينعدم الاستقرار النفسي لديه.