recent
أخبار ساخنة

لكل مقال مقام ومشاعر


يحدث كثيراً أن نذهب لبيت عزاء، ثم لفرح، فزيارة مريض ثم لزيارة طالب تخرج حديثاً من الجامعة، ولو تأملنا في تلك الزيارات لوجدناها مختلفة عن بعضها من حيث الجوهر والمظهر، فلكل مقام فلسفة ومقال ، فما يصلح للفرح من أقوال وأفعال لا يصلح في مواطن الحزن، فلا يعقل أن يضحك الإنسان في بيت عزاء، لكنه معقول ومطلوب في الفرح، وهذا على سبيل زمان المقال ، بينما على سبيل مكان المقال، فللمكان ظروف ومعطيات تفرض نفسها على أقوال وأفعال الإنسان، فلا يعقل التبول في المسجد أو النوم في منتصف الطريق ولا يعقل تربية الحمار في شقة سكنية .

يتحدث القران الكريم عن فلسفة  لكل مقام مقال ومشاعر، فحين أمرنا الله عزوجل بالصيام، حرم علينا  أمور هي بالأصل حلال، لكنها في فترة الصيام حرام، وحين يتعرض المسلم لضغوطات كبيرة ليرجع عن دينه، فمعذور لو نطق وتجاوب معها، لأنه مرخص له بذلك  ( إلا من اكره وقلبه مطمئن بالإيمان) ففي هذا الموقف الزماني يجوز للإنسان ما لا يجوز في غيره من باب الاستثناءات.

وفي هذا السياق يتحدث المفكر الاسلامي الدكتور عبد الكريم بكار في كتابه " تكوين مفكر خطوات عملية " عن كيفية تأثير الزمان والمكان على الانسان سلوكاً وقولاً من خلال المقارنة بين  الحياة في الأحياء الراقية  والحياة في الأحياء الشعبية،  فيذكر في صفحة 102: للمكان الذي يسكن فيه الانسان تأثير في نفسيته وأخلاقه وعلاقاته ومدى تنظيمه لشئونه كما يؤثر في طموحاته و تطلعاته، ففي الأحياء الراقية من المدن الكبرى، نلاحظ الآتي.

يشعر الناس أكثر بالرفاهية، وطموحاتهم واسعة لأن ما هم فيه من رغبات يغريهم بطلب المزيد، ويميلون للعزلة عن المحيط وتمتد عزلتهم أحياناً للتقصير في التواصل مع الآخرين أو أداء الصلاة في المساجد، ويتحدثون في الكماليات والصفقات الكبيرة، ولا يميلون لسماع أخبار الكوارث وحالات الفقر الشديد وكل ما يعكر المزاج، ولا يتدخلون كثيراً في المواعيد ويميلون إلى اللقاءات القصيرة.
أما في الأحياء الشعبية:
يعرف الناس الكثير عن بعضهم وتربطهم علاقات قرابة ونسب ، ويتحدثون كثيراً عن اسعار المواد الاستهلاكية ونقص الخدمات الأساسية،.يتداخلون كثيراً في شئون بعضهم ويكثر بينهم التعاون في السراء والضراء، وللعرف قوة ضاغطة وموجهة للسلوك ويخشى الناس على سمعتهم كثيراً، ومستواهم المعرفي والثقافي يكون في العادة أقل، والبطالة أعلى، وتكون المشاعر الدينية قوية، وكثيرا ما تكون طموحاتهم محدودة بسبب صعوبة الظروف المعيشية وبسبب قلة النماذج الناجحة، ويستمدون سعادتهم من بساطتهم،

لذا علينا حينما ندخل مقام  ما،أن يتناسب مقالنا ومشاعرنا مع مقامنا حتى يقول من يسمعنا "أحسنت"، وإلا، فلنقل خيرا أو لنصمت كما علمنا خير البرية محمد عليه الصلاة والسلام.

  رابط المقال في حسابي فيسبوك

اشترك في قناتي تيوب

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

google-playkhamsatmostaqltradent