recent
أخبار ساخنة

تصريح بلفور.... السيف القذر في خاصرة الانسانية


عزيزي اللورد/ روتشيلد : يسرني جدًا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالة الملك التصريح التالي، الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود الصهيونية، وقد عُرض على الوزارة ، وأقرته كما يلي :(إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يُفهم جليًا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن يغير الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى).

ما سبق هو نص اقذر  تصريح في التاريخ ، و الذي ولد في يوم 2_11_1917في بريطانيا بعد رحلة حمل وتكوين استمرت لسنوات  ، والذي  ادخل مانحه (آرثر جيمس بلفور) وزير خارجية بريطانيا في الفترة(1916 _ 1919 ) التاريخ من اسوا ابوابه باعتباره احد اشهر اللصوص في التاريخ.

ولا أخال أحداً في العالم لم يسمع بهذا التصريح أو لا يعرفه، لأن تأثيره بلغ الأفاق حيث منح  من لا يملك من لا يستحق ما لا يستحق ، وكانت نتيجته ( ولادة دولة اسرائيل) ونفي اهل الارض واستوطن الاغراب، ودمروا الشجر والحجر والبشر.

السؤال الذي يطرح نفسه، هل كان التصريح عملا فرديا ام انه يعبر  فكر بريطانيا العظمي المنطلق من باب المصالح؟

ان الاجابة عن هذا السؤال تستدعي الوقوف على الخلفيات التي دفعت بريطانيا .

1_ الذي يمعن في قراءة المشهد بكامل تفاصيله السياسي  والعسكرية والفكرية والاقتصادية آنذاك يدرك ان العالم العربي والاسلامي  كان يمر بمرحلة ضعف بسبب ضعف الدولة العثمانية وهذا شجع بريطانيا على اصدار التصريح.

 2_ دخول بريطانيا الحرب العالمية الاولى (1914-1918) حيث كانت بريطانيا بحاجة إلى الدعم اليهودي (سياسيا وعلميا) خلال الحرب العالمية الأولى.

3_ساعدت اكتشافات حاييم وايزمان الزعيم الصهيوني العلمية وبالأخص مادة الأسيتون في تقربه من القيادات السياسية والعسكرية البريطانية التي راح يلح عليها في استصدار قرار بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين فكان تصريح بلفور.

 4_الرغبة في اخراج اليهود من اوروبا، اذ ان جزء كبير من اليهود لم يستطيعوا الاندماج في مكان اقامتهم وكانوا يعملون كجسم منفصل عن الدولة.

5_ كانت بريطانيا ايضا قلقة من هجرة يهود روسيا وأوروبا الشرقية الذين كانوا يتعرضون للاضطهاد اليها.

6_ زرع قوة مختلفة في فلسطين التي هي الجسر الذي يوصل بين مصر وبين العرب في آسيا.

7_ رغبة بريطانيا في السيطرة على الدولة العثمانية التي كانت تشكل خطرا على أوروبا، وهذا لن يتم الا عن طريق استرضاء اليهود باعتبارهم يسيطرون  على بعض المناصب الحساسة

8_ لويد جورج الذي اصدرت حكومته التصريح قد برر التصريح في كتابه" الحقيقة حول معاهدات الصلح " بعدة عوامل  منها ما يفيد بأنه كان هناك سباقا مع المانيا حول كسب اليهود الى جانبهم

لم يقتصر اذي تصريح بلفور بأنه منح ايهود حق انشاء وطن قومي في فلسطين، بل ايدهم واقر لهم الخطوات التي تمكنهم من ذلك، حين قال(وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية) فالمتأمل في المسيرة الزمنية ما بين ولادة تصريح بلفور 1917 إلى يومنا هذا 2017 يجدها مسيرة دموية وعنصرية بامتياز ، حيث التقتيل والطرد والعنف بشكلٍ وحشيٍ على أصحاب الأرض الأصليين، وحرق الأخضر واليابس ولا زال الأمر يشتد قساوة.

وبعد مرور مائة عام على  ولادة النص القذر بدأ الفلسطينيون و العرب يطالبون بريطانيا بالاعتذار عن انشاء دولة الاحتلال، فماذا كان جواب قوم بلفور إلا أن قالوا:  إن تصريح بلفور هو بيان تاريخي، وأعربوا عن "افتخارهم" بتأسيس دولة إسرائيل ورفضوا الاعتذار ،وبأن حكومة المملكة المتحدة لا تنوى الاعتذار عنه، وما اكدته رئيسة وزراء بريطانيا انها ستحتفل بمناسبة مئوية تصريح بلفور.

وهنا أتساءل لماذا  تقدم بريطانيا اعتذارها عن تصريح بلفور؟

هل مصالح بريطانيا في العالم العربي مهددة، و هل سحب العرب والمسلمون ودائعهم واموالهم واستثماراتهم من بريطانيا ؟ هل سحبوا سفرائهم من بريطانيا وطرودا سفرائها من ارض العرب؟ هل منع السياح البريطانيون من التجول بحرية في ارجاء الوطن العربي ؟

ولنفترض جدلا  أن قدمت بريطانيا اعتذارها عن تصريح بلفور؟

هل ستختفي اسرائيل من الوجود ويتم تعويض الشعب الفلسطيني عن الخسائر النفسية والمادية التي لحقت به منذ ولادة التصريح ؟

هل ستعمل بريطانيا على بناء الدولة الفلسطينية بالشكل الذي يعبر عن ندمها واسفها على منحها ال التصريح لليهود؟

الاجابة على السؤالين (لا )، لماذا ؟

اللاجئون الفلسطينيون والقوانين العربية

لأن من يقرأ التاريخ يعرف أن الحقوق لم ترجع الى اهلها الا ببذل بالكفاح بشكل عام وخاصة العسكري لأنه مؤلم للعدو ومكلف، اما التوسل فلا يسمن ولا يغني من جوع، وهو بضاعة المفلسين، وشخصياً، لا أظن أن تقديم الاعتذار هو أمرٌ هينٌ على بريطانيا الدولة الوحيدة التي ليس لها عيد استقلال، لأنها ببساطة كانت تبسط نفوذها على كل البلاد، وسميت آنذاك المملكة التي لا تغيب عنها الشمس، خاصة أن العالم العربي والاسلامي حالياً قد فقد كل مقومات القوة الضاغطة التي يمكن استثمارها للضغط من خلالها على بريطانيا لتقديم الاعتذار.

ينتابني شعور بالاسى حين اقرا او اسمع ان السلطة الوطنية على وجه الخصوص تطالب بريطانيا  بالاعتذار عن التصريح بلفور، وهي التي اعترفت بمولود بلفور وتتعامل معه بل وتقدس التنسيق الامني معه.  وأتساءل  عن ماهية اوراق الضغط لدى السلطة  كي تسخرها لإجبار بريطانيا على الاعتذار؟

سيكون من المفيد  لو صاحب المطالبة بالاعتذار  قرارات عربية واسلامية مثل طرد السفراء البريطانيين من الدول العربية وسحب السفراء العرب من هناك. سحب الاموال العربية من البنوك البريطانية  وطرد الشركات البريطانية من ارض العرب. رفع دعاوى ضد شخصيات بريطانيا تؤيد اسرائيل.

 


اشترك في قناتي تيوب

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

google-playkhamsatmostaqltradent