ثلاث نهايات وبدايتان وعودة واحدة هي ملامح المشهد السياسي الجديد في المنطقة،
أما أول النهايات فهي نهاية العقد الذي وقعته الدولة الغاصبة مع البراءة منذ أكثر من
ستين عاماً وشهدت عليه بعض الأنظمة ، و ثاني النهايات هي انتهاء مفعول المخدر الذي
سقاه الحكام لشعوبهم، والنهاية الثالثة هي انهيار أسطورة الجيش الأخلاقي و الذي لا
يقهر.
أما عن البدايات فالأولى من غزة التي أكدت أن منطق الأفعال أقوى في التأثير
والإقناع من منطق الأقوال حيث الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني ، فقد استردت المقاومة
هيبتها بعدما نزعت منها بفضل استراتيجيات السلام المزعوم ونقول لمن أصدر حكمه بانتهاء
المقاومة بأن المقاومة إما أن تقاوم أو تستعد للمقاومة.
والبداية الثانية فهي بسبب غزة حيث بدأت الأنظمة العربية و(إسرائيل) وبعض
المؤسسات الرسمية العربية تفقد ما بقي لديها من بريق في مدارس الإنسانية بعد كشف القناع
عن تواطئها في حصار غزة ودمارها وذبحها ولم يبق لديهم من الوعود ما يستثير فضول الحمام.
أما عن العودة فيبدو ونتمنى ذلك أن تعود الخلافة الإسلامية من حيث انتهت
فتركيا قادت الخلافة لمدة طويلة لولا المؤامرات التي أسقطتها وبالتعاون مع بعض العرب،
والآن يعمل حفيد الدولة العثمانية على إحيائها من جديد، وللتاريخ فإن اردوغان فعل ما
لم تفعله الدول العربية على مدار ستة عقود، لذا نقول للسيد اردوغان انك قد عبرت عن
موقف ملايين المقهورين في العلام العربي والإسلامي وأصحاب الشموع المضيئة في عتمة الاستبداد
والذين فقدوا الأمل في قادتهم.
يجب على الأنظمة التي أراحت نفسها من أعباء المتابعة أن تعلن عن وفاة دبلوماسية
المجاملة وتمرير المواقف التي ازدهرت سوقها في زمن صمت البنادق ، لإن تلك الدبلوماسية
لم تعد تنسجم مع المزاج العام للأمة ، وتترك الساحة لمن اثبت قدرة وكفاءة عالية على
إدارة الصراع دون خوف أو وجل.
إن أي قارئ غير متعصب للتاريخ يجب أن يعذر الجماهير العربية والإسلامية
حين تصرخ بأعلى صوتها قائلة بأن أحلامها أصبحت تتعدى الخيمة والرغيف وإنها الآن ملتحمة
ببعضها البعض مرصوصة كالبنيان دائرية كالحلقة لا يدرى أين طرفاها وترفع شعاراً تحمله
في كل مكان يقول "أيها الزعماء المهوسون بحب الأنوثة نريد رجلا مثل رجب طيب أردوغان".
03/06/2010