الحروب هي إحدى الوسائل التي تتبعها الدول للحصول على مبتغاها، حيث
تسعى الأطراف المتحاربة لتغليف حربها بغلاف الدين حتى لو كان الدين في حياة
الطرفين هامشيا أو كانت الأطراف علمانية تبعد الدين عن مناحي الحياة البسيطة، فلو
نظرنا إلى الحقب الزمنية السابقة سنجد الدين حاضرا في الحروب نظرا لتأثيره في نفس
الإنسان ودفعه للقيام بما هو مطلوب منه، أو الامتناع عنه، لأنه يعتبر الاستجابة
التزاماً منه بتعاليم دينه وان مخالفته للدين قد تجلب عليه لعنات الآلهة والناس.
قارئ اليوم ... قائد الغد
ولو تصفحنا سيرة الرسل عليهم الصلاة والسلام سنجد أن الصد والمنع الذي
وجدوه كان مُنطلقا من الدين حيث اعتبر الكفارُ أن دعوة الرسل تهدف لإخراجهم من ملة
دينهم الذي كانوا عليه من عبادة الأوثان والأصنام ، حيث جاء في القرآن الكريم
" إنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم
مُّقْتَدُونَ} [الزخرف: 23، وبدأ العداء للرسل .
ومرورا بصفحات التاريخ وبالنظر للحروب الصليبية سنجد أن الذين قادوا
الحروب ونادوا لها هم رجال الدين المسيحيين رغم أن الحرب لم تكن دينية بقدر ما كان
لها مآرب أخرى وتم إلباسها بلباس الدين، لكن كيف سينجح هؤلاء في تعبئة الجماهير
تجاه الحرب إن لم يكن الدين حاضرا.
وبالوصول إلى الوضع الحالي سنجد أن بعضنا يمارس أسوء أنواع الدمار
والفتك بالأبرياء انطلاقا من نصوص قرآنية يجيرها هو لصالحه كي يبرر صنعته وينسى
هؤلاء أن القرآن الكريم والسنة النبوية مليئة بالدعوة إلى الإحسان للآخرين أكثر
مما تدعو لقتلهم وتدميرهم حتى لو اختلفت العقيدة إن لم يصدر منه اعتداء، ولا أدل
على روعة الإسلام وإنسانيته أن الله خاطب سيدنا موسى وأخيه مطالبا إياهم "
اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى " وحينما كان
يرسل الرسول عليه الصلاة والسلام الرسل إلى الأقوام الأخرى " وأدعو الى سبيل
ربك بالحكمة والموعظة" وحينما يرفض الآخرون التسليم بما جاء به القرآن بعد
الشرح والتبيان لهم يبدأ المسلمون قتالهم، ولو نظرنا في كيفية قتال الإسلام لغير
المسلمين ممن رفضوا التوحيد سنجد آدابا راقية، وهذا ورد في حديث رسول الله عليه
الصلاة والسلام حين وصى الجيش في غزوة مؤتة: «أوصيكم بتقوى الله وبمن معكم من
المسلمين خيراً، اغزوا باسم الله تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا
ولا تغلوا ولا تقتلوا وليداً ولا امرأة ولا كبيراً فانياً ولا منعزلاً بصومعة ولا
تقربوا نخلاً ولا تقطعوا شجراً ولا تهدموا بناءً،،،فيا من تدعون إنكم تقاتلون
الآخرين من المسلمين ومن غير المعتدين لأنهم حسب فهمكم القاصر للدين" غير
مسلمين " اتقوا الله فيما تفعلون.