تعتبر السينما أحد أبرز أشكال الإبداع الانساني في ايصال رسالةٍ ما، إلى شخصٍ ما، في قالبٍ ما ،في وقت ما ، وفي مكانٍ ما، وتلعب دوراً كبيراً في ايصال الرسالة باعتبارها لغة عالمية تفسر نفسها بنفسها ولا تحتاج لمفسر يفسرها ، فيمكن لأي إنسان حين يرى أي صورة أن يفهمها ويتفاعل معها دون صعوبة، فيبكي ويضحك ويصرخ ويتألم إذا وجد مقتضيات تلك المشاعر في الصورة، كما تلعب السينما دوراً عظيما في انتاج واعادة صياغة الوعي الفردي والجمعي تجاه قضية معينة.
ومن هنا تكتسي السينما أهمية كبيرة في طرح قضايا
الانسان والمجتمع وتوصلها لأصحاب القرار ، فالسينما هي كالمرآة تعكس ما يحدث
بالمجتمع للقيادة وتعكس رغبات القيادة للمجتمع، وبقدر ما تكون رسالة السينما سامية
بقدر ما تكون هدامة حيث يتم من خلالها تمرير فكرة معينة وتوجه الرأي العام تجاهها.
اسقاطا
لما سبق على القضية الفلسطينية وانطلاقاً من أن الصورة أو الصورة المتحركة تعادل
ألف كلمة، فقد انبرى الكثير من المخرجين العرب والفلسطينيين وغيرهم من محبي الحق من
بلاد الدنيا لإنتاج أفلام ومواد اعلامية ونشرها في فضاء الكون في محاولة منهم للمساهمة
في نصرة الحق الفلسطيني واظهار الظلم الذي يتعرضون له بفعل الاحتلال الصهيوني.
فالقضية
الفلسطينية مادة خصبة أثرت المشهد السينمائي العربي حيث تفرعت عنها قضايا كثيرة، فقد
تناولت السينما العربية القضية الفلسطينية من كل جوانبها السياسية والانسانية
والقانونية، تناولت مذابح العصابات الصهيونية وقتل النساء والأطفال والشيوخ وتهجير
من تبقى منهم على قيد الحياة، وهدم البيوت والمساجد وتدمير الآثار العربية
الاسلامية والمسيحية، وتغيير أسماء المدن
والقرى وبناء قرى صهيونية جديدة على أنقاض قرى كانت قائمة، وملاحقة ومطاردة
الفلسطينيين في كل مكان، كما تناولت قضية الأطفال الفلسطينيين وما يتعرضون له من
ظلم سواء بالقتل أو السجن أو الضرب، وقضية المرأة التي تبكي ابنها واخيها وزوجها و نفسها حين يتعرض أحدهم أو تتعرض هي
لأذى من الاحتلال ، لكن ورغم ما تم انتاجه من مواد اعلامية خاصة بفلسطين، فقد تطوع
بعض العرب والمسلمين لتشويه الفلسطينيين
والترويج على أنهم باعوا وطنهم وأنه بناء على ذلك لا يحق للفلسطينيين أن يطالبوا
بأرضهم.
يبقى
القول بأن المتأمل في الانتاج السينمائي العربي الخاص بفلسطين يجد أنه ضعيف قياسا مع قضايا أقل أهمية، فمن المعضلات
التي تواجه المخرجين والسينمائيين هي قلة الموارد والامكانات المالية والدعم السياسي، فلو نظرنا لأي أغنية هابط سنجد أن
لها ميزانية عالية جداً وتلقى من يروج لها ليل نهار، بينما عمل سينمائي هادف
فالكثيرون يتهربون منه على اعتبار أن المخرج والممول والمنفذ ينأون بأنفسهم عن
الدخول في متاهات الاشكاليات التي لها علاقة بنشر الارهاب.